ليس بعيدا عن قطاع غزة حيث القنابل تنهال على رؤوس الفلسطينيين، كانت تدور في مدينة رفح المصرية التي تبعد عشرات الأمتار عن القطاع حرب من نوع آخر موجهة هذه المرة ضد المقاومة الفلسطينية وتحديدا ضد حركة المقاومة الإسلامية
(حماس).
فمعبر رفح وفنادق مدينة العريش المصرية كانت شاهدا على حملة تشويه واسعة من قبل مسؤولين وأعضاء بالسلطة الفلسطينية ضد حماس، بين آلاف الصحفيين والسياسيين والمانحين الذين أموا مدينتي رفح والعريش منذ بدء العدوان على غزة.
ففي ردهات مدينة العريش لا يكف أعضاء بالسلطة الفلسطينية في أحاديثهم للصحفيين وللوفود المانحة التي جاءت بمساعدات إنسانية للفلسطينيين في غزة عن تحميل حماس مسؤولية المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون بفعل آلة الحرب الإسرائيلية، بل إن بعض هؤلاء لا يتردد باتهام قادة حماس بالاختباء في "الجحور" بينما أوكلوا مهمة القتال لشبان صغار تتراوح أعمارهم بين
(17-24) عاما. ولا عجب أن تسمع بعض المسؤولين الفلسطينيين القادمين من رام الله، يؤكد لجمع من الصحفيين والمانحين بأن عناصر حماس، يعتدون بالرصاص على مقاومين من فتح الذين يريدون المشاركة في التصدي للعدوان، ويتهمون الأخيرة بأنها تصدر بيانات تلزم العديد من عناصر فتح الإقامة الجبرية في منازلهم تحت طائلة التهديد، ودون ذنب يرتكبونه. اتهامات بالسرقة ومن الطبيعي جدا أن تجد بعض المسؤولين الفلسطينيين يجلس بين بعض أعضاء الوفود المانحة في ردهات أحد فنادق العريش ليؤكد لهم أن حماس "تستولي" على المساعدات الغذائية والدوائية التي تصل للقطاع، وتقصر توزيعها على أنصارها.
ووفقا لمصادر في السفارة الفلسطينية بالقاهرة، فإن قرار تسليم المواد الغذائية للأونرا عبر معبر العوجة المشترك بين مصر وإسرائيل ويخضع لتفتيش دقيق من قبل الأخيرة، جاء لمنع حماس من "الاستيلاء على المواد لغذائية وتسليمها لعناصرها وحرمان بقية الفلسطينيين منها".
أحد المسؤولين اتهم حماس بسرقة سيارات الإسعاف الثماني التي بعث بها الحزب الوطني الحاكم في مصر للفلسطينيين في غزة، غير أن مصادر طبية ومطلعة بالقاهرة أكدت للجزيرة نت أن هذه الاتهامات لا تعدو كونها هرطقات.
كما أن الجزيرة نت تأكدت من مصادر بالهلال الأحمر في القطاع، بأن جميع السيارات قد أصبحت في عهدة منظمة الهلال الأحمر، وأن حماس أو أيا من فصائل المقاومة لم تحاول الاستيلاء أو حتى استخدام سيارات الإسعاف أو مرافق ومستشفيات الهلال بالقطاع، مؤكدة أن هذه مخالفة للقوانين ولا يمكن لإدارة الهلال أن توافق على التورط فيها.
يأتي ذلك في حين تشتكي الوفود المانحة من التضييق في الإجراءات الرسمية لإيصال معوناتهم للفلسطينيين في غزة، خاصة على معبر العوجة حيث تدور الأحاديث عن تكدس آلاف الأطنان من المساعدات الغذائية على المعبر لدى الجانب الإسرائيلي.
لكن الأمر الذي يبدو أكثر غرابة هو عندما تجد المسؤولين الفلسطينيين يرددون نفس المزاعم التي يسوقها جيش الاحتلال في عدوانه على غزة.
حيث إن أحد كبار المسؤولين بالسلطة أكد للجزيرة نت أن قوات الاحتلال لا تضرب أي هدف في القطاع، إلا بناء على معلومات دقيقة بوجود صواريخ أو عناصر للمقاومة. وعندما سألناه عن تفسير كثرة الضحايا من المدنيين بين شهداء وجرحى، برر ذلك بوجود هؤلاء قرب أهداف للمقاومة.
وبعيدا عن الخطاب الدبلوماسي والتصريحات الرسمية لوسائل الإعلام، لا يخفي المسؤولون الفلسطينيون أمانيهم بالعودة للحكم في قطاع غزة، ويكشفون عن نفاد صبرهم لأن المقاومة ما زالت تصر على الصمود رغم العنف الذي لجأت إليه الآلة الحربية الإسرائيلية.